الشاعر طلال حمزة
الشاعر طلال حمزة
-A +A
قراءة: علي بن محمد الرباعي
لا مسافة فاصلة بين الشاعر طلال حمزة وبين عشاق كلماته، هذا المدني المسكون بالمرجعيات الزاكية، يحفه السلام الروحي، فتشعر أنه الشاعر الوحيد الخالي من القلق، فنصه نابت من روح مخضبة بالسكينة، يأتي كأطياف حلم طفولي، ليؤصل علاقته بالمكونات الراسخة في الوجدان:

منّا الدعا والله عليه الإجابة


منا السعي والله كفيل بالأرزاق

والله ما ايس دامني في جنابه

ولا ارجي سوى ربي لو ان الفضا ضاق

انا على دين النبي والصحابة

ما نيب لا مشرك ولا نيب بواق

لا هوية أنقى ولا أصفى من هوية شاعر كثيراً ما أقام في الوضوح، وسكن الغمام، واكتسى برفيف المعاني، وتجسّد في مرتقى الإحساس، وتصدى بكل ما أوتي من رهافة الكلم لكل ما يحاول النيل من فطرته السوية:

الآدمي هو ليه يفقد صوابه

يجزع لطاري الشر وللخير تواق

الرزق ما هو بالدها والذرابه

الرزق بيد اللي له الخلق تنساق

والصبر خير وعاقبته استجابه

والقل ما يمنع كريم من انفاق

لطلال حمزة رؤية إنسانية وأخلاقية، يفسر بها معنى القيم وفق إضاءات سابقة، فإذا كان جده الشعري يرى أن الجود بالنفس أقصى غاية الجود، فكذلك هو لا يرى الجود في التمظهر والهياط، كون الجود معنى وليس فقط لفظاً، كما أنه قيمة عليا وليس ثمناً يدفعه البَطِرون بحكم ما هم عليه من رخاء، إنه جود الفطرة.

أمازح ضيفي قبل إنزال رحله

ويخصب عندي والمحل جديب

وما كرم الضيفان أن تُكثرَ القِرى

ولكنما وجه الكريم خصيبُ

ولذا تعلو لغة هجاء طلال الراقي لمحدثي النعمة:

الجود ما هو جود من عند بابه

سبعين سيارة وعشرين سواق

الجود جود اللي قليل زهابه

ولا من عطا يعطيك من كل الاعماق

هذاك لو تطلبْه يعطي ثيابه

ما خاف فقر ولا حبس خشية املاق

وفي إطار الانعتاق من حالة تعبيرية نبرتها حادة، يعود إلى الذات التي سبق وانطلق منها، ليقدم روحه راضية مرضية، برغم أن تطلعاته وأشواقه تشوّفت شأن الناس لسحابة حبلى، وأحسن الظن بها، إلا أنها لم تكن سخية ولا وفية، إلا أن عزة النفس تحضر في وجه الانكسار، لتؤكد أنها في صورة أكمل مما لو أمطرته السحابة المرتقبة:

العام الاول كنت اراقب سحابه

وانظر لها يا خوك بعيون مشتاق

كنت اتحرى عقب ضيقي رحابه

واقول هلت كل ما خلت براق

واليوم ابشر صحبتي والقرابه

جاني من الله خير طاق على طاق

وكعادة شعراء العرب، في تحقيق أركان القصيدة، من مفتتح، ورحلة، وتخلص، وتناسب، وخاتمة، يعود إلى ما بدأ به:

انا احمد اللي عزنا في كتابه

وارسل لنا خير البشر سمح الاخلاق

المصطفى الهادي عظيم المهابه

اللي بذكره نوّرت كل الافاق